هل اختلف أو اجتمعوا العلماء في المراد من الأحرف السبعة ؟؟؟
نعم لقد اختلف العلماء في تفسير معنى هذه الأحرف حتى قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى : ( أنها وصلت إلى أكثر من أربعين قولاً ) وأكثر هذه الآراء متداخل ، ولكن نذكر منها قولين أثنين هما أقوى ما قيل ، وأرجح ما ذكر في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم ، وأحد هذين الرأيين أنه من المشكل الذي لا يدري معناه بالضبط ، لأن الحرف يصدق لغة على حرف الهجاء وعلى الكلمة والمعنى وعلى الجهة .
1. القول الأول : ذهب أكثرهم إلى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني فيأتي القرآن منزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أوأكثر .
قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى : ( واختلفوا في تحديد اللغات السبع فقيل : هي لغات قريش ، وهذيل ، وثقيف ، وهوازن ، وكنانة ،وتميم ، واليمن ، وقيل غير ذلك ) .
فربما أدخل البعض لهجات أخرى في هذه المذكورات و أخرج غيرها منها ، وقد تتداخل أكثر من لهجة مع بعضها في كيفية النطق ببعض الكلمات . وهذا القول هو الذي أراه أنه أقوى وأرجح الأقوال بخصوص هذه القضية ، كما رآه العلماء الأقدمون من قبلي .
2. القول الثاني : المراد بالأحرف السبعة هو : ( أنها الأوجه التي يقع بها التغاير ) . وهي الأوجه السبعة التي وسِّع بها على الأمة ، فبأي وجه قرأ القارئ منها أصاب . ولقد كاد النبي r يصرح يهذا كل التصريح حين قال : ( أقرأني جبريل على حرف ، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ! ) ومن هنا فإن اللفظ القرآني الواحد مهما تعدد أداؤه وتنوعت قراءته ، فهو حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنسٌ ذو نوع من الأختلاف ، ولا يخرج التغاير فيه عن الوجوه السبعة الآتية :
( الأول ) : اختلاف الأسماء من إفراد ، وتثنية ، وجمع ، وتذكير ، وتأنيث .
ويمكن التمثيل لهذا الوجه بما قاله اليناء في كتابه القراءات : ( واختلف في : { لأماناتهم } في سورتي : المؤمنون والمعارج ورسمها في المصحف { لأمنتهم } يحتمل القراءتين لخلوها من الألف الساكنة ، - فابن كثير وابن محيصن بغير ألف فيها على الإفراد - والباقون بالألف على الجمع . - ومؤدى الوجهين واحد ، لأن في الأفراد قصداً للجنس وفي الجنس معنى الكثرة قال الله تعال : { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } قرئ { لأمانتهم } . وفي الجمع استغراق للأفراد ، وفي الاستغراق معنى الجنسية : فرعاية ( الأمانة ) كرعاية ( الأمانات ) تشمل الكل والجزئيات .
( الثاني ) : اختلاف تصريف الأفعال من ماضٍ ، ومضارع ، وأمر .
ويمكن التمثيل لهذا الوجه بقوله تعالى : { فقالوا ربّنا باعِدْ بين أسفارنا } . - فقرئ بنصب { ربنَّا } على أنه منادى مضاف و { باعِدْ } بصيغة الأمر ، - وقرئ { ربنُّا } بالـرفع وباعَدَ بفتح العين ، على أنه فعل ماض ، وقرئ { بَعَّد } بفتح العين مشددة مع رفع { ربنُّا } أيضاً . وعلى كل الأحوال فمؤدى الأوجه الثلاثة واحد ولا حاجة لتفصيل ذلك لأنه واضح .
( الثالث ) : اختلاف وجوه الإعراب سواء أتغير المعنى أم لم يتغير ،- ومثال ماتغير فيه المعنى قوله تعالى : { فتلقى أدمُ من ربه كلماتٍ } فقد قرئ : { فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ } ، - ومثال ما لم يتغير فيه المعنى قوله تعالى : { ولا يضارَّ كاتبٌ ولا شهيد } فقد قرئ : { ولا يضارُّ }
( الرابع ) : الاختلاف بالنقص والزيادة سواء أكان بكلمة أو بحرف جرياً على عادة العرب في حذف أدوات الجر والعطف تارة وإثباتها تارة أخرى .
فمثال الزيادة قوله تعالى : { وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار } فقد قرئ { تجري من تحتها الأنهار } . وهما قراءتان متواترتان ، وقد وافق كل منها رسم مصحف الإمام .
ومثال النقصان قوله تعالى : { وقالوا اتخذ الله ولداً } بغير واو في أول الآية أي : { قالوا اتخذ الله ولداً } .
( الخامس ) : الاختلاف بالتقديم والتأخير فيما يعرف وجه تقديمه أو تأخيره في لسـان العرب العام ، أو في نســـق التعبير الخاص .
أ - التقديم والتأخير إما أنيكون في الحرف مثل : { أفلم ييأس } قرئ { أفلم يأْيَس } .
يقول الراغب : ( اليأس انتفاء الطمع ، وقيل معناه : أفلم يعلموا ، ولم يرد أن اليأس موضوع في كلامهم للعلم وإنما قصد أن يأس الذين آمنوا من ذلك يقتضي أن يحصل بعد العلم بانتفاء ذلك فإذن ثبوت يأسهم يقتضي يقتضي بثبوت حصول علمهم )
ب- وإما أن يكون في الكلمات نفسها باختلاف قراءة كل من الكلمتين المتجاورتين والاختلاف في المعنى محدود ونظراً لتقديم إحدى الكلمتين على الأخرى مثال ذلك قوله تعالى في شأن المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله { فَيقْـتُلون ويُقتلون } قرئ { فـيُقْـتَلُون و يَقتُلون } ففي الحرف الأول يسرع المؤمنون إلى قتل الأعداء ، وفي الحرف الثاني كأنما يتلهفون إلى ساحة المعركة تلهفاً لعل الله يتخذهم شهداء . فإذا اختلفت صياغة التعبير بالتقديم و التأخير فإن مؤدى الحرفين واحد لم ينله شيء من التغيير .
( السادس ) : الاختلاف بالإبدال .
أ - وقد يكون حرفاً بحرف بما قد يؤدي إلى تغيير المعنى مثل قوله تعالى : { وانظر إلى العظام كيف نُنْشِزُها } فقد قرئ هكذا بالزاي المعجمة مع ضم النون وقرئ بالراء المهملة مع فتح النون هكذا { نَنْشُرُها } .
- فابن عامر و غيره بالزاي من النشز وهو الارتفاع أي يرتفع بعضها على بعض للتركيب - وغيرهم بالراء المهملة من أنشر الله الموتى يعني أحياهم .
وقد لا يؤدي إلى تغيير المعنى مثل قوله تعالى : { يعملون وتعملون } بالياء والتاء على سبيل المثال لا الحصر وغيرها كثير بالغيبة والخطاب وفي هذا تأكييد للمعنى .
- وهكذا يختلف المعنى ليرينا إعجاز القدرة الإلهية ، كيف انه يعيد تركيب العظام ويحييها بعد ما أماتها أول مرة . - وقد يكون كلمة بكلمة يغلب أن تكون إحداهما مرادفة للأخرى ، وإنماتتفاوتان بجريان اللسان بإحداهما لدى قبيلة دون أخرى ، كقوله تعالى : { كالعهن المنفوش } فقد قرئ { كالصوف المنفوش } .
( الســابع ) : اختلاف اللغات - أياللهجات - كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم ، والأظهـار والإدغام ، ونحو ذلك . ومثال الإمالة قوله تعالى : { وهل أتاك حديث موسى } وقوله أيضاً : { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } قرئ بإمالة { أتى } و { موسى } و { بلى } نحو الكسر . وتفخيم اللام في لفظ { الصلاة } . . . إلخ .
وبهذا كله نكون قد استعرضنا الآراء الخاصة بالاختلاف والتغاير في الألسنة واللهجات والإعرابات والتي أدت إلى الاختلاف في معنى الأحرف السبعة .
ولكن أرجح الآراء بخصوص هذه القضية هو الرأي الأول الذي يقرر بأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد - كما أسلفنا - نحو أقبل وتعالَ وهلمَّ فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد والقصد عموماً هو اختلاف الألفاظ في المعنى الواحد وأن السبعة لا تعني على التحديد ، بل على مدلول الكثرة على الإطلاق لأن القبيلة الواحدة قد تختلف فيها اللهجة بين عشائرها .
هل اختلف العلماءام اجتمعوا فى المراد من الاحرف السبعه
الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 12:22 pm
منتدى الازهري 
الثلاثاء أكتوبر 29, 2019 4:07 am
