المنتد ي الاسلامى

ماهر دياب الكببجي · الإثنين يناير 30, 2012 4:27 pm

النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر

النقود : ابتدعوها للخير ... واستعملوها للشر

بينما يتفق الاقتصاديون على تعريف النقود بأنها أى شيء يحظى بقبول عام لاستعماله وسيطاً للتبادل وعلى أنه ليس للنقود قيمة لذاتها وأنها ليست ثروة ، فإن النظام النقدي المفروض على العالم يجعل من النقود رأسمال ضروري للتنمية وأداة للتضخم . النقود كرأسمال يهدف إلى تمكين الدول الغنية من إحكام سيطرتها على الدول الفقيرة ويفسر تسابق القائمين على اقتصاديات الدول لاستقطاب النقود عن طريق الاقتراض من الصنوق الدولي أو البنك الدولي أو الدول الغنية أو مؤسسات المال العملاقة أو بقبول المنح المشروطة أو من خلال تضخيم أنشطة القطاع المالي والودائع المصرفية والأسواق المالية . أما النقود كأداة للتضخم فيهدف إلى تمكين الأغنياء من سرقة أموال الفقراء ويفسر تنامى الفقر وتدنى مستوى معيشة الطبقة المتوسطة وتركز ثروات الشعوب بيد فئة قليلة من الأثرياء . وما الظلم القائم فى العالم إلا شاهد كاف لتحقق الهدفين معاً دون حاجة لتفصيل .

أليس فى ذلك مغالطة فى الفكر الاقتصادي ، يتسع بموجبها دور النقود من مجرد وسيلة ابتدعت لخدمة الناس بوصفها وسيطاً لتبادل المنتجات لتصبح أيضاً أداة تتحكم فى النمو الاقتصادي للدول وعائقاً أمام تحقيق رفاهية الأفراد ؟ . هل تبنى اقتصاديات الدول بالنقود أم بالموارد الطبيعية والبشرية ؟ . هل تبنى الدول من خلال ما استحدث من أنشطة مالية تضخمية أم من خلال النشاط الإنتاجي ؟ . الا يستحق الأمر رفع الظلم ومعاناة الشعوب بإعادة النظر فى وظيفة النقود لتعمل ضمن نطاق وظيفتها التى ابتدعت من أجلها ؟ .

لو نظرنا إلى النقود على أنها مجرد شيء وسيط للتبادل ، ليست سلعة ولا تخضع لقوانين الطلب والعرض ، فيترتب على ذلك :

1. أن إصدار النقود يمثل إصدار شيء لاقيمة له فلا يتطلب تعطيل موارد فى شكل غطاء للعملة من ذهب أو معادن ثمينة أو عملات أجنبية أو ترتيب تغطية تحت ما يسمى بالدين العام الذى يرهق كاهل دافعى الضرائب . والتخلص من الغطاء النقدي له ما يبرره فى الواقع العملي :

· أن النقد المصدر لا يشكل إلا جزءاً ضئيلاً من النقد المتداول ، والودائع المصرفية التى تصدرها البنوك بدون غطاء نتيجة ما يعرف بعملية خلق النقود تشكل معظم النقد المتداول تحت اسم نقود ائتمانية .

· أن الولايات المتحدة الأمريكية التى تشكل أكبر قوة اقتصادية فى العالم قد تخلت منذ زمن عن بدعة الغطاء النقدي .

· أن أسعار السلع والمنتجات فى التبادل الدولي تتحدد بنتيجة تفاعل عوامل السوق بصرف النظر عن قيم العملات ، فسعر برميل النفط من السعودية ذات العملة القوية لا يختلف عن سعره من العراق ذات العملة المنهارة إلا ضمن حدود اختلاف نوعيات النفط المستخرج .

2. أن استعمال النقود ينحصر فى الاستعمال فى الأنشطة الإنتاجية لتبادل المنتجات من السلع والخدمات ، أما الديون فهى مجرد استبدال نقد عاجل بنقد آجل . والتخلص من استعمال النقود فى أنشطة غير إنتاجية ، مثل المضاربات فى أسواق المال والأسهم والبضائع ، بصورة مباشر أو عن طريق تمويلها له أيضاً ما يبرره :

· أن النقد المستعمل لمزاولة أنشطة غير إنتاجية لا يضيف للناتج القومي شيئاً ، فلا يعود بالنفع على المجتمع .

· أن معظم النقد المستعمل لمزاولة أنشطة غير إنتاجية أو تمويلها يتمثل فى أموال عامة الناس فى البنوك أو شركات التأمين أو المؤسسات المالية أو مؤسسات الضمان والتقاعد مما يعرض أموال الأبرياء لمخاطر انهيار الأسواق المالية .

· أن استعمال النقود فى أنشطة غير إنتاجية يزيد كمية النقود المتداولة على كمية النقود اللازمة لتبادل المنتجات فينشأ التضخم بما له من آثار مدمرة على المجتمعات .

· أن استعمال النقود فى أنشطة غير إنتاجية يعد السبب الرئيسي للأزمات المالية التى يشهدها العالم وما يترتب عليها من عدم استقرار إقتصادي .

3. أن الغطاء الحقيقي للعملة يتمثل فى الناتج القومي ، وحيث يقتصر استعمال النقود على تبادل المنتجات ، فإنه يمكن زيادة كمية النقود من خلال تفعيل عملية خلق النقود لتلبية متطلبات النشاط الإنتاجي دون حاجة لسياسات نقدية أو حكومية تحتمل الفشل أوالنجاح ودون حاجة لترتيب غطاء نقدي أو البحث عن أموال أجنبية . وعندئذ تقتصر حاجة الدولة على استقطاب أصول أجنبية تعوض النقص فى الموارد الطبيعية أوالخبرات البشرية بدلاً من استقطاب نقود أجنبية لاستثمار موارد محلية .

قد يتخوف البعض من انخفاض سعر صرف العملة نتيجة الخروج عن الفكر الاقتصادي المفروض ، والانخفاض أمر طبيعي متوقع لأن تغيير الفكر الاقتصادي القائم يتعارض مع مصلحة المستفيدين وهم الأقوى فى هذا العالم ، ولكن :

· ليس المهم أن ينخفض سعر العملة ، وإنما المهم أن يكون دخل الفرد ، على الأقل ، كافياً لتغطية تكاليف معيشته . الدولار يعادل 5 جنيه مصرى بينما يعادل 100 ين ياباني ، هل معنى ذلك أن الاقتصاد المصري أفضل من الاقتصاد الياباني ؟ . متانة الاقتصاد يتحكم فيها نمو الناتج القومي وكفاية دخل الفرد تتحكم فيها سياسة إعادة توزيع الدخل القومي .

· تنخفض أسعار المنتجات بسبب زيادة الناتج القومي بالإضافة إلى الحد من التضخم فيزيد حجم الصادرات مما ينعكس إيجابياً على ميزان المدفوعات وعلى الميزان التجاري ، وسرعان ما يعود سعر العملة للإرتفاع .

أي فكر عقيم يستند إلى عدم توفر النقود لمنع مصر ، بكل ما منحه لها الخالق من موارد طبيعة وبشرية ، من بناء ملايين المساكن بدل العشوائيات أو إجراء تمديدات الصرف الصحي والمياه أو توسيع شبكة الطرق ؟ . أي فكر عقيم يستند إلى عدم توفر النقود لتبرير وجود ملايين العاطلين عن العمل فى بلد منحه الخالق موارد طبيعة تنتظر من يستغلها ؟ .

آما آن الأوان لتجنب التقليد الأعمى لكل ما هو غربي ، والعمل بما فيه من خير ، ونبذ ما فيه من شر .

أما آن الأوان للتفكر فى آيات القرآن الكريم لمعرفة أحكام النقود فى الإسلام .

النقود مجرد وسيلة ابتدعها الناس لتسهيل عمليات تبادل المنتجات . تعمل النقود كمقياس لقيمة المنتجات ، وبعيد التبادل تتحول إلى حق قانوني يحظى بالقبول العام ، وثم تعمل النقود كمخزن للقيمة لحين استبدالها بمنتج . تخضع النقود للضوابط التى بينتها آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة .

1. ضوابط قيمة العملة

· وجوب ثبات العملة لضمان عدالة التقييم بوصفها مقياس للقيمة

"وزنوا بالقسطاس المستقيم" (الإسراء 17 : 35) .

ثبات العملة كمقياس للقيمة شرط لعدالة التقييم . تقتضى عدالة التقييم أن لا تعتبر النقود سلعة تخضع لعوامل الطلب والعرض كي لا تشتق قيمة متغيرة تؤثر على حيادية قياس قيمة المنتجات . شأن النقود فى ذلك شأن وحدات القياس الأخرى مثل الكيلو والمتر .

· تحريم تخفيض قيمة العملة بوصفها حق قانوني مملوك للناس

"ولا تبخسوا الناس أشياءهم" (هود 11 : 85) .

ويلفت الانتباه فى الآية الكريمة استعمال كلمة أشياء بوصفها أعم من كلمة المال والنقود شيء وليس مال أو ثروة . وبخس النقود يعكس التضخم فترتفع الأسعار مقومة بالنقود .

· وجوب استقرار قيمة العملة بوصفها مخزن للقيمة

"إن الله يأمركم أن تردوا الأمانات إلى أهلها" (النساء 4 : 58 ) .

استقرار قيمة العملة شرط أمانة التخزين . تقتضى أمانة التخزين رد القيمة ذاتها دون زيادة أو نقصان فلا يجوز زيادة أو تخفيض قيمة النقود المستقبلية عن القيمة الحالية وذلك لضمان حق حاملها في استبدالها وقتما يشاء بمنتج أو عمل أو دين بنفس قيمة الموجودات التى تنازل عنها عند امتلاكه العملة .

2- النقود ليست أحد عوامل الإنتاج (رأسمال)

تحدد الآيات الكريمة عند تشريعها للإنتاج الاستهلاكي والتنموي عوامل الإنتاج بالموارد الطبيعية والبشرية ، ولم يرد فيها ذكر للنقود لأنها بدعة بشرية .

· "يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالاً طيباً" (البقرة 2 :168)

· "وبوأكم فى الارض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً" (الأعراف 7 : 74) .

3- تحريم استعمال النقود كأداة للتضحم

· تحريم التدخل فى نظام التسعير الطبيعى

"ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها" (الأعراف 7 : 56) .

النقود بدعة بشرية تستعمل كأداة تضخم فتؤثر فى أسعار السوق الطبيعي الذي خلقه الله تتحدد فيه الأسعار بنتيجة التفاعل الحر بين الطلب والعرض .

4- تحريم غطاء العملة

· تحريم إكتناز الذهب والفضة بصفة غطاء للعملة

"والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" (التوبة 9 : 34) .

· تحريم إكتناز الأموال والعملات الأجنبية بصفة غطاء للعملة

"ويل لكل همزة لمزة ، الذي جمع مالاً وعدده" (الهمزة 104 : 1-2) .

5- ضوابط الصرف

النقود ليست سلعة فلا يجوز صرفها بالأجل أو بعقود صرف مستقبلية تجنباً للربا فى النقود ، ويبدوا ذلك واضحاً فى شرطي الآنية والتقابض .

· الآنيـة : "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها" (عن الرسول صلى الله عليه وسلم – رواية ابن عمر) .

· التقابض: "فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" (عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،البخاري ومسلم).

الموضوع الأصلي : النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر // المصدر : منتدى الازهري // الكاتب: ماهر دياب الكببجي

**امين القويرى** · الجمعة فبراير 03, 2012 10:08 am

النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر

شكراً لك أخى

ماهر دياب

الموضوع مهم

لما يحتويه من فقرات تمس المواطن والبلد والدين

جزاك الله خيراً

وأهلاً بك في منتداك ووسط إخوانك وأخواتك

ولا تحرمنا من مشاركاتك

الموضوع الأصلي : النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر // المصدر : منتدى الازهري // الكاتب: امين القويرى

**!!طيور الجنة!!** · الجمعة فبراير 03, 2012 9:58 pm

النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر

شكرا لك اخى ماهر
واهلا بك فى منتدانا
وسط اخوانك واخواتك
ونن نتمنى لك قضاء وقت عامر بطاعة المولى عزوجل
اختك طيور

الموضوع الأصلي : النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر // المصدر : منتدى الازهري // الكاتب: !!طيور الجنة!!

**شريف عبد المنعم البنا** · الجمعة فبراير 03, 2012 10:26 pm

النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر

المال مجرد وسيلة تعامل بين الناس ولكن هى زينة الحياة الدنيا فهى فى الحب متساوية مع الولد كما جاء فى القران الكريم

قال تعالى
المال والبنون زينة الحياة الدنيا

بل انا مقدمه عن الولد فى الايه

جزاك الله خيرا اخى

واهلا ومرحبا بك نورت المنتدى
ونتمنى لك سعاده بيننا

الموضوع الأصلي : النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر // المصدر : منتدى الازهري // الكاتب: شريف عبد المنعم البنا

عماد القاوى · الجمعة فبراير 03, 2012 10:45 pm

النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر

المال ما هو الا وسليه نعيش بها
فيجب علينا الا نطمع فى كثرة المال لكى لاننشغل بالدنيا عن الاخره
بارك الله فيك اخى ماهر
ولاتحرمنا من مشاركاتك

الموضوع الأصلي : النقود : ابتدعوها للخير .... واستعملوها للشر // المصدر : منتدى الازهري // الكاتب: عماد القاوى

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)

المنتد ي الاسلامى

الفقه الاسلامى