تفسير آية '' فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس و لا جان........................؟
- بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
شرح قول الله تعالى : { فيومئذٍ لا يُسْأَلُ عن ذنبهِ إنسٌ ولا جانٌّ }
الله تعالى يُكَلِّمُ كُلَّ إنسانٍ يومَ القيامةِ فيُسْمِعُهُ كلامَه الذَّاتيَّ المُنَزَّهَ عن الحرفِ والصَّوْتِ ويحاسبُ مَنْ يحاسبُه منهم بهِ فيَفْهَمُ العبدُ من كلام الله الذَّاتِيِّ السُّؤَالَ عن أفعالهِ وأقوالهِ واعتقاداتهِ .
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بينَ يَدَيِ الله ليسَ بينَه وبينَه حجابٌ ولا تَرْجُمانٌ يُتَرْجِمُ له ثمَّ لَيَقُولَنَّ لهُ أَلَمْ أُوتِكَ مالًا فَلَيَقُولَنَّ بلى ثمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إليكَ رسولًا فَلَيَقُولَنَّ بلى فينظرُ عن يمينهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ ثمَّ ينظرُ عن شِمالهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ ولو بشِقِّ تمرة فإنْ لم يجدْ فبكلمةٍ طَيِّـبَة " .. رَوَاهُ البخاريُّ في (صحيحه) ..
قولهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ :" ليسَ بينَه وبينَه حجابٌ " معناه ليسَ بينَ العبدِ ورَبِّهِ حجابٌ يمنعُ العبدَ من سماعِ كلامِ الله الذَّاتِيِّ .. وقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" ما منكم أحدٌ إلَّا سيكلِّمه رَبُّهُ يومَ القيامةِ ليسَ بينَه وبينَه تُرْجُمانٌ فينظرُ أيمنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ من عَمَلٍ وينظرُ أَشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ من عَمَلٍ وينظرُ بينَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تلقاءَ وَجْههِ فاتقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تمرة " .. رواه البخاريُّ في (صحيحه) ..
يقولُ الله تعالى في سورةِ الحِجْرِ (( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أجمعينَ . عَمَّا كانوا يعملون )) ..
وينتهي الله ، عَزَّ وجَلَّ ، من حساب عبادِه في ساعة ، أي في وقت قصيرٍ من موقفٍ من مواقف القيامة . ويومُ القيامةِ كلُّه خمسونَ ألفَ سنة . يَفْرُغُ الله من حساب الخَلْقِ في لحظةٍ قصيرة . لذلكَ قال (( وهو أسرعُ الحاسبين ))[الأَنعام/62]، وقال (( إنَّ الله سريعُ الحساب ))[المائدة/4].
قولُ الله تعالى في سورةِ الرَّحمٰن (( فيومئذٍ لا يُسْأَلُ عن ذنبهِ إنسٌ ولا جانٌّ )) هو مثلُ قوله في سورةِ القَصَصِ (( ولا يُسْأَلُ عن ذُنوبهِمُ المجرمون )) .. والمرادُ أنَّ القيامةَ ، لِطُولِ ذلكَ اليوم ، مَواطِنٌ . فَيُسْأَلُ العبدُ في بعضِ المواطنِ ولا يُسْأَلُ في بعض . هذه الأرضُ التي نحنُ الآنَ عليها تُدَكُّ يومَ القيامة . هذه الأرضُ ، جبالُها وأشجارُها والأبنيةُ التي عليها ، تتحطَّم . لكنْ قبلَ ذلكَ يُؤْخَذُ العبادُ إلى ظُلْمَةٍ عندَ الصِّراط . يُحْمَلُونَ بقدرة الله إلى هناك ثمَّ بعد أنْ تُدَكَّ الأرضُ تَتَحَوَّلُ أرضًا بيضاء . وبعدَ أنْ تَتَحَوَّلَ أرضًا منبسطةً بيضاءَ لا جبالَ فيها ولا وِهادَ يُعِيدُ الله العبادَ إليها . العبادُ الذينَ نُقِلُوا إلى ظُلْمَةٍ عندَ الصِّراطِ يُعِيدُهُمُ الله إلى الأرضِ المبدَّلة . وهناكَ ، في قِسْمٍ من الوقت ، النَّاسُ يكونونَ وُقُوفًا بلا كلام . لا يُسْأَلونَ عن أعمالهِم . ثمَّ يأتي إذنٌ فيتكلَّمونَ جملةً . الأوقاتُ يومَ القيامة مُوَزَّعَةٌ على أشياء .
*يقولُ الله تعالى في سورةِ طه (( ويسئلونكَ عن الجبالِ فقُل يَنْسِفُهَا ربِّي نَسْفًا . فَيَذَرُهَا قاعًا صَفْصَفًا . لا تَرَى فيها عِوَجًا ولا أَمْـتًا )) .. والأَمْتُ هو المكانُ المُرْتفع .. وقولهُ تعالى (( لا تَرَى فيها عِوَجًا ولا أَمْـتًا )) معناه لا تَرَى فيها انخفاضًا وارتفاعًا .. والقاعُ : المُسْـتَوِي من الأرض ، والجَمْعُ أَقْوُعٌ وأَقْواعٌ وقِيعَانٌ .. والقِيعَةُ مِثْلُ القاع .. وبعضُهُم يقول هو جَمْعٌ .. وقاعةُ الدَّار : ساحتُها .. والصَّفْصَفُ : المُسْـتَوِي من الأرض ..
والحمدُ لله رَبِّ العالمين
|
اسالكم الدعاء
اخوكم فى الله شريف عبد المنعم البنا