إن الإرهاب أسلوب عمل منظم يتسم بالسرية في الاتصالات و التحركات و التخطيط و يقوم العمل الإرهابي علي مبدأ خطير وهو توجيه الضربة بطريقة مفاجئة و غير متوقعة و كذلك بإختيار الهدف بعناية فائقة و ذلك لسبب بسيط و هو القناعة التامة لدي الإرهابي بعدم إمكانية المواجهة المباشرة مع القوات النظامية للدولة مسرح العمليات.

و هناك سؤال هام يطرح نفسه و هو لماذا الإرهاب؟

الإرهاب ينشا لدي قلة تتولد لديها قناعة بأنها الأجدر بحكم البلد و تنسلخ هذه الجماعة من النسيج الوطني و تبدأ في الظهور بشكل سري علي شكل جماعات معارضة. يكون هدفها الرئيسي تقويض نظام الحكم.

وقد تقوم الدولة بعمليات قمع لهؤلاء مما يؤدي لظهور فئات جديدة من تلك المعارضة تتخذ الإرهاب وسيلة لتحقيق غاية و تلك الوسيلة قد تستخدم لعدد محدود من العمليات لحين تحقيق أهداف مؤقتة أو قد تكون مستمرة حتى يتحقق هدفها النهائي الذي وجدت من أجله.

إن الهدف الرئيسي الذي يسعي إليه الإرهابي داخل الدولة هو فض الصلة و الثقة بين المواطن و بين حكومته عن طريقة إشاعة الذعر و البلبلة و التأكيد مع كل عملية علي عدم كفاءة الدولة في القيام بعملها الرئيسي و هو حماية و تأمين الممتلكات العامة و الخاصة و ضمان الأمن و الأمان للمواطن.

كيف ينشأ الإرهاب؟

- هو محصلة عمل دءوب مستمر استمدت أفكارها من أشخاص مرموقين و علي مستوي عال من الثقة داخل أو خارج المجتمع.

- يضم أي تنظيم إرهابي عناصر علي مستوي عال من الثقافة و التعليم و الخبرة.

- لدي أي تنظيم إرهابي مصادر دخل متعددة من جهات داخلية أو خارجية أو معا و قد يكون بتمويل أطراف أخري أو قد تكون بمصادر ذاتية.

- لدي أعضاء التنظيم الإرهابي قدرات خططية وتنظيمية و بدنية و فنية و قتالية علي مستوي عال ولذلك غالبا ما تنفذ عمليات ضخمة بعدد محدود من الأفراد.

و قد شبه أحد الخبراء الإرهاب بأنه كجبل الجليد الذي لا تظهر للعيون إلا قمته‏,‏ أما باقي جسده فانه يختفي تماما تحت الماء‏,‏ كما أن قاعدته الأساسية توجد في قاع البحر‏.‏ لذلك فان جميع محاولات مكافحة الإرهاب لم تنجح حتى الآن‏, ‏ لأنها استهدفت هذا الجزء الظاهر فقط‏,‏ في حين أنها أغفلت باقي الأجزاء الأخرى‏.‏

والإرهاب مثله مثل السرطان إذا لم يتم استئصال الورم من قاعدته فإنه لن يختفي و ما تلبث أن تظهر خلية ما أو جماعة فور قمع أو قتل أو القبض علي جماعة أخري. إنه تسلسل أفقي و رأسي غير ظاهر و لا توجد علاقة بين هذه الجماعة أو تلك ولكن الخيوط كلها تتشابك و تتجمع عند المحركين لها و غالبا ما يكونوا رجال سياسة و اقتصاد.

إذا كيف نتجنب الإرهاب و نتخلص من آفاته؟

هناك عدد من المسائل التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار إن ما أرادت الدولة و المجتمع القضاء علي الإرهاب:

• يجب علي الدولة أن تأخذ الدول الأخرى كنماذج في التعامل مع تلك الجماعات و كيفية التعامل معها و مدي نجاح الحوار كنموذج أو القتال كنموذج آخر للتعامل مع تلك الظاهرة.

• محاولة الوقوف علي دراسة الهيكل التنظيمي للجماعات الإرهابية و هو أمر مهم إذ يسهل علي الدولة القضاء علي تلك التنظيمات بمجرد التعرف علي القيادات العليا و الوسطي و من ثم التعامل معها أما المستويات الدنيا من أي تنظيم فيسهل التعامل معها بعد ذلك. إذ يجب دراسة و تحليل عملية التجنيد للمستويات الدنيا لتلك التنظيمات و من ثم يتم العمل علي إيقافها و توجيه و إرشاد صغار السن بحيث يتولد لديهم القدرة علي معرفة و إدراك الأطراف الخفية التي تقوم علي غسل أدمغة الشباب و من ثم تجنيدهم.

• أن تكون هناك اقتناع بضرورة العمل المشترك ما بين الدولة و المجتمع للقضاء علي هذه الظاهرة.

• أن تبدأ الدولة بوزاراتها المعنية و هيئاتها من جانب و مثقفي المجتمع في البحث في ظاهرة الإرهاب و أسباب نشؤه ودوافعه و أهدافه.

• تحديد فئات المجتمع المتعاطف مع الإرهابيين و تحييدها مع ضرورة الحزم مع المتعاطفين مع تلك الجماعات الإرهابية.

• العمل علي إيقاف أية أشكال لدعم للجماعات الإرهابية و تجفيف منابعهم سواء كانت مالية أو لوجستية.

• يجب علي الجهاز الإعلامي للدولة التوقف عن مهاجمة فكر الجماعات الإرهابية و كذلك الأمر بالنسبة لمثقفي المجتمع إذ أن التواصل الهجومي من كافة أطراف المجتمع علي الفكر الإرهابي يعمل علي التمرد أكثر و أكثر و يولد لديهم رغبة أكبر في الانتقام. ولذا ينبغي التركيز فقط علي الأضرار المتولد من العمليات الإرهابية و مدي تأثيرها علي الوطن و المواطنين حتى يتولد لديهم شعور بإيذاء الغير و من ثم حدوث شعور بتأنيب الضمير يكون باعث للتغيير. أما الجهاز الإعلامي فعليه دور هام في ترسيخ قواعد الحوار الهادئ بين أطراف المجتمع و بين المواطن و حكومته و نشر روح الاعتدال و الوسطية.

• التأكيد علي أهمية دور رجال الأمن و من ثم العمل علي تدريبهم تدريبا مميزا و أن يشمل التدريب رفع الكفاءة الذهنية و البدنية لرجال الأمن. و التعاون التام بين المواطن و رجل الأمن وعدم إخفاء اية معلومة عن رجال الأمن الذين أوجدتهم الدولة بغرض المحافظة علي الأمن و النظام و أرواح المواطنين و ممتلكاتهم.